فصل في بعض فوائد القيء
والقيء يُنقِّي المَعِدَة ويُقوِّيها، ويُحِدُّ البصر، ويزيل ثقل الرأس، وينفع قروح الكُلَى، والمثانة، والأمراض المزمنة: كالجذام، والاستسقاء، والفالِج، والرَّعشة، وينفع اليَرَقان.
وينبغي أن يستعمله الصحيح في الشهر مرتين متواليتين من غير حفظ دور، ليتداركَ الثاني ما قصر عنه الأول، وينقي الفضلاتِ التي انصبَّت بسببه، والإكثارُ منه يَضر المَعِدَة، ويجعلها قابلة للفضول، ويضر بالأسنان والبصر والسمع، وربما صَدَعَ عَرَقا، ويجب أن يجتنبه مَن به ورمٌ في الحلق، أو ضعفٌ في الصدر، أو دقيقُ الرقبة، أو مستعدٌ لنَفْث الدم، أو عَسِرُ الإجابة له.
وأمَّا ما يفعله كثير ممن يسيء التدبير، وهو أن يمتلئ من الطعام، ثم يَقذِفَه، ففيه آفاتٌ عديدة؛ منها: أنه يُعَجِّلُ الهَرَم، ويُوقع في أمراض رديئة، ويَجعل القيء له عادة. والقيء مع اليُبوسة، وضعفِ الأحشاء، وهُزالِ المَرَاقِّ، أو ضعفِ المُستقيء خطرٌ.
وأحمَدُ أوقاتِه الصيفُ والربيع دون الشتاء والخريف، وينبغي عند القيء أن يَعْصِبَ العينين، ويقمط البطن، ويغسِلَ الوجه بماء بارد عند الفراغ؛ وأن يشرب عقيبه شراب التفاح مع يسير من مُصْطَكَى، وماءُ الورد ينفعه نفعا بيِّنا.
والقيء يستفرغ من أعلى المعدة، ويجذب من أسفل، والإسهال بالعكس، قال أبقراط: وينبغي أن يكون الاستفراغ في الصيف من فوق أكثرَ من الاستفراغ بالدواء، وفى الشتاء من أسفل.